وليدُ البيت (*)
بدا لي ثغرُ الصباحِ مُبْتَسِما |
وعن وجه الليل كاشفا ظُلَما (1) |
ولاحَ الفجر السعيد مُبْتهِجاً |
يُناغي ألوان الزهور مغتنما (2) |
وراحت سِرْب الطيور في طربٍ |
تباهي أنغام صبيةٍ شَمَمَا (3) |
يُرى أملاك السَّما بذا هبطتْ |
فأمسى بيت اللطيف مزدحما |
عيونُ الأشرافِ واكبَتْ خفراً |
جَرَتْ نحو البيت ما حكتْ كلما (4) |
وفي صمتٍ أبلغَتْ رسالتها |
فكانت في تلك عَبَّرَتْ حكما |
أما تدري مَنْ عَنَيْتُ يا نَبِهاً |
قصدْتُ الأمَّ التي حَوَتْ عَلَمَا (5) |
فَمِنْ أزكى الأسْدِ خير لَبْوتها |
وفي الحُسنى فاطمٌ سَمَتْ كَرَمَا |
أبَتْ إلاّ كعبة العُلا شرفاً |
لِتُرْسي فيها وليدَهَا الحَلِمَا |
لمَنْ قُلْ هذا الجدارُ مُنْفلقاً |
وهلْ شاهدتَ الجدارَ مُنْسَجِما |
لقد خاضت وحدها بمعركةٍ |
لكي تأتينا بحيدرٍ قَرَمَا |
فلمْ يُشركْها سوى ملائكةٍ |
وكانت موعودةً به قسما (6) |
وما أن شعَّ الضِّيا بها خرَجَتْ |
جَلا نورُ المصطفى مضَتْ قُدما (7) |
بأمرٍ من خالقِ البَرَا حَضِنَ الـ (8) |
ـرسولُ الأتقى نصيرَهُ الشَّهِمَا (9) |
.....................................................
(*)البحر مجزوء الثمل الذي دخل الكبل أول تفاعيله فأصبح فعولن مستفعلن مفاعلتن × 2، حيث كان أصل فعولن (//./.) مستفعلن (/././/.)، أنشأها في لندن بتاريخ 1427/7/13 هـ، وذلك بمناسبة ذكرى مولد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
(1)ظلما: شديد الظلمة.
(2)لاحَ: بدا.
(3)الشمم: رافع الأنف.
(4)الخفرة: الجارية الشديدة الحياء.
(5)النَبِهُ: الفطنُ العاقلُ، اليقظُ.
(6)القسم: النصيب.
(7)جلا: ظهر وسطع.
(8)البَرَا: البرايا، النّاس، أو الخَلْق.
(9)النَّصير الشهم: يراد به علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام).